مدونة

بس ترجع رشا

هيا 11 سنة ونص، ساكنة في البلدة القديمة بنابلس. بتحب تمشي وتلف باب الساحة، وأكبر أمنياتها تطلع من البيت ويصير عندها أصدقاء كتير.

هيا ما بتقدر تمشي، صابها نقص أكسجين بعمر سنة أثر على قدرتها على المشي. لكن ما أثر على رغبتها بالغنا والحكي والتعرف.

“رشا صاحبتي سافرت” بتحكي هيا لعمتها. وعيونها بتلف عالشباك، بس ترجع رح نتسلى، في رشا وفي سامية وفي صاحبات كتير بتتخيلهم هيا وبتحكي معهم وبتستنى ييجو يزوروها وتلعب معهم.
كل أسبوع بتروح هيا على مستشفى الأمل عشان تعمل مساج، أبوها بشتغل على تكسي، بحملها وبطلع فيها الدرج، وهيا بتكبر وبتقل وزنها وأبوها ضهرو بصير أضعف، أمها بتكمل اليوم تسأل إذا في حد ممكن يعمل مساج بالبيت بدل متطلع هيا على المستشفى ويحملها أبوها، بس هيا بتحب تطلع من البيت والمستشفى هي تقريبا المكان الوحيد اللي بتطلع عليه.

بتقعد هيا تتفرج من الشباك على باب الساحة، ناس كتير وبياعين وولاد صغار وبنات بلعبو بشبهوها، “خدوني ألعب معهم” هيا ما بتفهم ولا لحظة ليش هي ما بتقدر تنزل تلعب معهم، بيوم أخدتها عمتها لفة على الكرسي المتحرك، كانت فرحتها بتنوصفش، ضلت عمتها تلف فيها حولين الساحة وضحكتها تخلي كل الناس تتفرج عليها وتضحك معها، في وحدة أعطتها شكولاتة، وهيا بكل أدب أخدتها وحكت شكرا، بس عمتها بعد شوي سحبتها على البيت بسرعة وهي بتبكي. بالبيت سمعتها بتحكي لإمها أنو الناس صاروا يحكو أني بشحد عليها، ومن يومها هيا ما طلعت من البيت، وصارت تسمع جمل متل إنها صارت صبية وحلوة، خلص لازم تقعد بالبيت. بس هي بتزهق، وأكبر حلم عندها تلف باب الساحة مع صحبتها رشا.

الإعاقة مش صورة لولد أو بنت بتشوفها وبتمر، الإعاقة تفاصيل يومية بعيشها الفرد والعائلة بتتصل بالمحيط والذهنية المجتمعية والخدمات الحكومية في الدولة، بتبدأ من لحظة الولادة وما بتنتهي. قصصهم هي قصصنا، بكل حارة في طفل يمكن يكون هيا أو جاسم أو يوسف أو محمد. واحنا بنختار نسمع أو نمر. في فن من القلب أحنا قررنا نسمع، قررنا كمان نشتغل من شانهم، وأنتو؟”

النصوص للكاتبة مايا أبوالحيات
اعداد مؤسسة فن من القلب “2021”
ضمن مشروع مسار، بدعم من مشروع الثقافة والفنون والمشاركة المجتمعية، وبتمويل مشترك ما بين مؤسسة عبد المحسن القطان والوكالة السويسرية للتنمية والتعاون

قصص من القلب